في زمن بات ينكر الإنسان ما فطره الله عليه، أردت أن ألقي نظرة عامة على التدين... يا ترى هل نحن المقصودون بذلك الزمان الذي وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بأن القابض على دينه فيه كالقابض على الجمر ؟  أم أنه لم يأتي بعد !!. غريب أن الدين أفيون الشعوب ولكنه وبنفس الوقت هو آخر ما يفكر به الشخص حاليا ... ألهذه الدرجة كانت هيمنة العلمانية واللبرالية قوية علينا لتنسينا فطرتنا ... أم أنه وعينا الزائد  أم جهلنا الزائد او ربما كانت العولمة هي السبب ... لا أدري ؟؟؟
إن كلمة أفيون تنطبق كامل الإنطباق على المتدينين في هذا العصر بالذات من الديانات المسيحية واليهودية فالذي يقرأ كتاب "يد الله" الذي يتحدث عن علاقة الدين بإحتلال فلسطين سيكتشف أن وجود اليهود في فلسطين هو سبب ديني بحت مشترك بين الديانتين المسيحية واليهودية ... سينصدم القارئ كثيرا بما سيقرأه في ذلك الكتاب ... ليبقى الدين أحد أكثر الأشياء تأثيرا في سياسات الدول الخارجية ...
[size=16]رهاب التدين: 
قامت بعض الدول الشيوعية بإبادة الرموز الدينية و إعدام المتدينين بشكل جماعي ... ثم تبعها اتخاذ جيوش الإستعمار هذا المجرى ففظعوا بالمتدينين وذبحوهم و رموهم في المساجد وأحرقوهم ... ولم يطل الوقت كثيرا حتى أخذت معظم الدول العربية إستقلالها من أنياب المستعمرين لتعيد الكرة بأبنائها المتدينين ... بعض الدول كانت البداية من المتدينين وبدول أخرى كانت البداية من الحكومة من باب سد الذرائع ... فأصبح ينظر للمتدين على أنه همجي إرهابي منعزل منطوي ولربما تعب الإعلام من البحث في القواميس العربية فلم يجد أتعس من هذه الكلمات ليصف بها المتدين ...
والآن في وقتنا المعاصر وبعد أن أصبحت أمنا أمريكا هي الآمر الناهي ... أصبح رهاب التدين أشد أستفحالا وأصبح إظهاره أمرا مخيف لأن الإسلام بنظر الأمريكان هو فاشستي إرهابي وأي شخص سيتبعه بشكل ظاهر فهو إرهابي... فإن صاحب اللحية محط أنظار للكثيرين وموقع شبهه لأي عمل تخريبي ... يتم مراقبته ومضايقته ويعيش الأمرين لأنه أطال لحيته ... ويبقى الحاخام أو رجل الدين المسيحي بريئا من تهم مشابهه.
قناع التدين: 
برز في العصر العشرين الكثيرون من منتحلي مهنة التدين يرتزقون بها من الحمقى و المغفلين الذين تحيط بهم الكتب من كل جانب ولكنهم يفضلون أن يسمعوا لأحد الشيوخ والذي كما نسميه باللغة العامية "شيخ سلبة" والذي يتفوه بكلام لا يصدر من جاهل ولكن وللإسف تجد له أتباعا أحمق منه وأضل سبيلا...
رأيت بأم عيني إحدى الطوائف التي تدعي بأنها إسلاميه لا بل وأزيدكم من الشعر بيتا أنهم عرب ... كانوا في مجلس فقام شيخهم وأخرج غائطا من بطنه بسبب عملية ما فقام أتباعه يأكلون من فضلاته تبركا به " فلا حول ولا قوة إلا بالله " 
كذلك نجد بعض الأكاديميين الذي انتحلوا هذه المهنة أيضا ولا أريد وضع نيتهم في ذمتي فالله أعلم بها و أولئك أيضا شهرهم الإعلام ولكنهم بالمقارنة مع غيرهم من رجالات الدين الجهابذة فهم لا يفقهون إلا القليل. وهذا وذاك يحلل ما يشاء ويحرم ما يشاء من دون أي مرجعية تذكر أو حجة تقهر ... وهكذا يتبعهم أصحاب الهوى وهم كثر يريدون التعلق بقشه وهم يغرقون في دوامات عسر الدين " في نظرهم"   

عيوب ألحظها في بعض المتدينين:
العزلة
قد تلاحظ العزلة في بعض المتدينين والإنطواء على عدد من الأشخاص يعدون على الأصابع، لأنهم أحسوا بأنهم غرباء فأصابهم الرهاب الإجتماعي فلا تراهم يخالطون الناس ... وهم إن كانوا على صواب فهم يخسرون الأجر الكثير ... فنحن خير أمة أخرجت للناس نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر.

الكبر
وقد تلاحظ في البعض الآخر الكبر..  فقد غره الشيطان وجاء له من باب أنه أفضل من غيره بتقربه من الله وأوقع في قلبه الكبر و الحذر كل الحذر من التكبر فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم :"لا يدخل الجنه من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر"

التشدد
قد تلاحظ وبكثرة التشدد المفرط لدى بعض المتدينين ... ولا يمنعك أخي المتشدد من أن تتبع أكبر قدر من السنن وأن تتجنب كل ماهو محرم بل وأشد على يدك ولكن إنتبه عندما تتعامل مع الغير وتذكر سياسات الرسول في الدعاء إلى الإسلام في النهي عن شرب الخمر في وفي وفي ... وتذكر أن نفوس أغلب الناس يطغى عليها الهوى وتكره ترك كل شيئ في وقت واحد ... فبدلا من أن تكون منفرا كن مغناطيسا واترك التمسك في القشور وحاول أن تتعلق بالألباب، فمثلا قبل أن تقول لشخص لا يصلي إن الأغاني حرام وأن غض البصر واجب ووو تذكر أنه لا يصلي.
ظاهرة التدين الموسمي
التي تصب على شخص ما في مواسم معينة كأيام رمضان أو العشر من ذي الحجة وأنا لا أعارض الإكثار من العمل الصالح في تلك الأيام ولكن مقصدي هو أن لا يخرج الشخص عن وتيرة حياته التي اعتاده الناس عليها ليتغير تغيرا جذريا ويصبح شيخ زمانه في تلك الأيام تحديدا وما إن تنقضي حتى يذهب كل شيء .... وهذا النوع من المتدينين هم أقل الناس مصداقية في أعين الغير ... نصيحتي أن يكون الإنسان على وتيرة واحدة يحسن عليها من وقت لوقت حتى لا تنكر عليه نفسه ولا ينكر عليه من حوله فينقلب على وجه ويصبح أسوء بكثير من ما كان عليه حتى قبل ثورة التدين.  

اتباع السلطة
اتباع السلطة وإن كانت على باطل أمر لا أريد التحدث به فقد أصبح في نظر البعض مهددا للأمن القومي. يضحكني قول أحد الكتاب العرب : نمضي السنين الأولى في تعليم الطفل الكلام وتقوم الأنظمة العربية بتعلميه السكوت لبقية حياته.
خطوة نحو التدين والثبات: 
قد يحب هذه الفقرة من سئم الحياة وهذا صنيع أيديهم فمن أعرض عن ذكر الله ضنك الله عيشته وجعلها مقيته ممحوقة البركة ... وددتم الرجوع ولربما حاولتم ولكن الشهوات والشيطان أرجعوكم. أصبحنا أمة المليار والثلاثمئة مليون مسلم ونحن في ازدياد ... يتعدد في هذا العدد الضخم المذاهب والطوائف فإن أردت أن تبحث عن الصواب منهم فستعاني كثيرا ... لقد اختلطت بكثير من أصحاب المذاهب وناقشتهم حتى جف حلقي وخضت في كتبهم وسمعت لشيوخهم ... حتى كتبت بالنهاية مقالا سميته "مسلم بلا مذهب" ... اختصاره أنه ليس هناك طائفة أو مذهب على صحة 100 % و قد رأيت أن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم بما معناه : أن الإسلام سينقسم لبضع وسبعين شعبه ، كلها بالنار إلا واحده" لا يعني طائفة بحد ذاتها ... ولكني أعتقد بأنهم خليط من بين كل الطوائف ويتصف هذا الخليط بأخذ كل جيد من طائفة واجتناب كل سيء وهم الذين على صواب ... إن أردت اكتشاف الصواب فعليك المشي في طريق طويل ... هذا إن أحببت أن تدخل في دقائق الأمور الفقهية التي اختلف بها أهل المذاهب فيما بينهم ... أما إن كنت مسالما تريد شيئا من كل شيء فتمسك بالأمور المتفق عليها بين أهل السنه والجماعه وهي غالبا ما قد تكون فرائضا ومسلمات غير قابله للنقاش ... أسأل الله لي ولكم الهداية والثبات.
وفقكم الله – والله أعلم
[/size]