[rtl][size=16]الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. 

وبعد: 

فموضوع الدعوة الفردية موضوع جدير بالبحث والكتابة فيه، وتظهر أهميته من معرفة أسباب اختيار هذا الموضوع للكتابة فيه، والتي تتلخص فيما يلي: 

أولاً: إن هذا الموضوع أوشك أن ينسى في أرض الواقع، وأصبح شيئاً نظرياً يذكر للعلم به. 

ثانياً: ضعف الدعوة العامة الجماعية في هذا الوقت، مما أبرز أهمية الدعوة الفردية. 

ثالثاً: أهمية الدعوة عموماً، ومن جوانبها الدعوة الفردية. 

رابعاً: عن طريق الدعوة الفردية بدأت دعوة الرسول – صلى الله عليه وسلم – ولمدة ثلاث سنوات حتى كوَّن قاعدة صلبة من الرجال المخلصين. 

خامساً: ما تتمتَّع به الدعوة الفردية من ميزات سيأتي ذكرها – إن شاء الله_. 

وسأتكلم عنه في النقاط التالية:
1. أهمية الدعوة: يبيِّن أهمية الدعوة أن الشارع أَمَر بها وقَدَحَ مَن اتَّصف بها، وحذَّر من تركها، فقال الله _سبحانه وتعالى_ آمراً بها:"وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ "(آل عمران: من الآية104).
2. جوانب الدعوة: للدعوة جوانب مختلفة، فمنها دعوة الكفار، ومنها دعوة المسلمين، ثم هذه الدعوة قد تكون بالكتابة، وقد تكون بالمحاضرة، وقد تكون بتوزيع الكتيبات والأشرطة.
3. معنى الدعوة الفردية: ما الذي نريده؟ وما الذي نقصده من الدعوة الفردية؟ الذي أقصده بالدعوة الفردية هو ممارسة الدعوة إلى الله _سبحانه وتعالى_ مع فرد أو فردين لتنتشله أو تنتشلها مما هو فيه إلى ما هو أفضل من حاله..
4. ميزات الدعوة الفردية: الحقيقة أن للدعوة الفردية ميزات كثيرة يجدر بنا أن نعرفها في هذا المقام ما دمنا نتكلم عن الدعوة الفردية ومن هذه المميزات: 

1- أن الدعوة الفردية تنعم بالحرية المطلقة في كل الأحوال والظروف فلا تتعرض للتضييق.

2- أنها تحدث صلة بين المدعوة والداعية.

3- أنها تتيح للمدعو الاستفسار عما يريد.

5- الدعوة الجماعية تأثيرها وقتي.

6- يمكن عن طريق الدعوة الفردية الوصول إلى من لم تصله الدعوة الجماعية.

7- عن طريق الدعوة الفردية يمكن للداعية أن يتدرج في توصية المدعو..

8- أن الدعوة الفردية يمكن القيام بها في كل مكان وفي أي وقت..

9- الدعوة الفردية تكسب الداعية خبرة ومعرفة بأحوال الناس، وأيضاً كسر الحاضر الوهمي الذي يضعه بعض الداعين وبين الآخرين.

10- الدعوة الفردية تدفع من يعمل بها إلى العلم والعمل.

11- الدعوة الفردية تتيح للداعية أن يطبق ما تعلَّمه من مفاهيم الصبر والتحمُّل والإيثار.
5. كيفية الدعوة الفردية: لابد من التنبيه إلى أن الناس يختلفون، فمنهم الغافل اللاهي، ومنهم من هو أفضل حالاً، وإن كان عليه بعض التقصير، ومنهم من هو ملتزم ولكن التزامه أجوف، وغير ذلك من الأًصناف، ولذا فإن لكل واحد من هؤلاء طريقة قد لا تسلك مع الآخر؛ لأنهم درجات، فالأول قد يحتاج إلى شيء قد لا يحتاجه الثاني... وهكذا، ونحن هنا سنفترض أن المدعو هو أدنى الدرجات، وهو الإنسان الغافل اللاهي، وسنذكر مراحل الدعوة معه، وأما غيره فينظر ما يناسبه من المراحل ويبدأ بها، وهذه المراحل هي:

1- عقد الصلة بينك وبينه: بحيث تصادقه وتحسن إليه، وتسأل عنه إذا غاب عنك، وتبدي له اهتمامك به، وتهديه هديه _إن تيسر لك_، وتطلب منه أن يزورك في البيت...

2- تقوي إيمانه بطريق غير مباشر: مثلاً تتحدث معه في موضوع معين فتحاول أن تربطه بالدين، تنتهز أي فرصة لتقوي إيمانه كأن تكوناً مثلاً تتحدثان عن متوفى تعرفانه، فتربط هذا بحسن الخاتمة أو سوئها...

3- تحاول أن تقوي إيمانه بطريق مباشر: كأن يهدي إليه كتيباً أو شريطاً فيه ترقيق للقلب، أو فيه سيرة رجل صالح أو فيه قصص ترقق القلب..

4- تحاول ربطه بجماعة طيبة: تعينه على الخير والاستمرار في هذا الطريق ولا بد أن تتابعه...

5- تحاول توسيع مفهوم الإسلام عنده إلى ما هو أشمل من أداء الصلاة والصوم والحج، بحيث يعرف أن الإسلام يشمل نواحي الحياة المختلفة..

6- تشجيعه على القيام بالعمل للإسلام والدعوة إليه، وكما قلت: هذه المراحل قد تحتاجها كلها وقد لا تحتاج لبعضها، وبإمكانك أن تتجاوز مرحلة إلى غيرها أو تضيف مرحلة لم نذكرها إذا تطلَّب الأمر ذلك.
6. عقبات في طريق الدعوة الفردية: تواجه الدعوة الفردية عقبات لابد من بيانها حتى نكون على بينة، منها:

1- الخجل: حيث يخجل الداعية من محاولة عَقْد الصلة بمن لا يعرفهم، خشية ألا يقابلوه بترحيب...

2- كثرة الانشغال بأي أمر من الأمور، سواء كان أمراً دنيويَّاً كالاشتغال بأمور الدراسة والوظيفة.. أو كان أمرأً أُخروياً كأن يكون منشغلاً مع الجماعة التي هو معها، فانشغال بالبرنامج ومعهم في كل وقت لذلك لا يجد الوقت الكافي لممارسة الدعوة الفردية...

3- عدم الصبر والتحمل من قبل الداعية: وذلك لأن هذا العمل يحتاج إلى صبر وقوة تحمل حتى يؤدي ثماره.

4- أن الدعوة الفردية تحتاج إلى نفسية طيبة، وتعامل من نوع خاص قد لا يجيده كل شخص.

5- أنها في الحقيقة تحتاج إلى وقت طويل حتى تؤتي ثمارها، فليس في يوم وليلة تبني فرداً متكاملاً...
7. عيوب الدعوة الفردية: لاشك أن كل جانب من جوانب الدعوة له محاسن وسلبيات، ومن عيوب هذه الطريقة:

1- أنه ربما يكون إنتاجها قليلاً: ربما تعمل لمدة سنة كاملة مع شخص واحد فقط...

2- أنها تحتاج إلى نوع خاص من المعاملة: المحاضر في الدعوة الجماعية يلقي محاضرته وينصرف، لكن في الدعوة الفردية الأمر يختلف، حيث يحتاج إلى معاملة خاصة مع المدعو.
8. الصفات المطلوبة في الداعية الذي يمارس الدعوة الفردية: 

1- الإخلاص: ليكن قيامك بهذا العمل خالصاً لله _عز وجل_. 

2- الصلة بالله _تعالى_: كثرة العبادة من قبل الداعية، والاستعانة به وطلب العون منه والتوفيق والسداد.

3- العلم: لابد من العلم في الدعوة حتى لا يكون ضررها أكبر من نفعها...

4- الصبر: لابد من الصبر في الدعوة، ولابد من الصبر على الأذى والعقبات.

5- الحكمة: بأن تنزل الأشياء منازلها، فليس من الحكمة أن تريد من المدعو أن ينقلب عن حاله في يوم وليلة.

6- أن يتخلق بالأخلاق الفاضلة حتى يكون قوله أقرب إلى القبول: لابد أن يكون صادقاً لا يكذب، متواضعاً بعيداً عن الكبر...

7- أن يكون قدوة صالحة في كل شيء حتى في الأعمال الدنيوية المباحة، فالاجتهاد في الدراسة مطلوب، وينبغي أن تكون قدوة في هذا المجال...

8- الرفق: ما كان في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه، لابد للداعية أن يرفق بمن يدعوه حتى يتقبل منه الحق...

9- أمور لابد من الإشارة إليها:
9. أمور لابد من الإشارة إليها: 

1- لا تقتصر على الدعوة الفردية، بل اعمل في كل مجال تستطيع أن تعمل فيه من مجالات الدعوة.

2- لا تكن الدعوة الفردية سبباً في تركك الاهتمام بنفسك من ناحية العلم والعمل.

3- لا تكن الدعوة الفردية سبباً في ابتعادك عن رفقتك الطيبة...

4- لا يكن قيامك بالدعوة الفردية حاملاً لك على المجاملة على حساب دينك..

5- إذا رأيت أنك ربما تتأثر أنت بالمدعو فيسبب لك الانتكاس والسقوط فدعه وانجُ بنفسك...

6- لابد من التنسيق بين الدعاة، بحيث لا يجتمع داعيتان على مدعو واحد.

7- انتبه يا أخي لذوي القربى، فالله _سبحانه وتعالى_ يوصي رسوله – صلى الله عليه وسلم –، ويقول: "َأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ" (الشعراء:214). 

8- لا بد من النظر إلى ميول المدعو ومواهبه وعمله وظروفه.

9- لا تواجه المدعو بالانتقاد المباشر؛ لأنه ربما ينفر منك لعدم وجود الإيمان الكافي.

10- لا تظهر له أنك أعلم منه، وأنك أتقى لله منه، وأخشى لله منه.. لا لا تظهر له هذا...

11- لا تتبع عثراته؛ لئلا يكون ذلك مخذلاً لك عن العمل.

12- لابد من التدرج وعدم الاستعجال، لا تضع في ذهنك أنه سينقلب في يوم وليلة، لابد من التدرج قليلاً قليلاً حتى يتحسن ويرجع إلى الله...

13- لا تتركه بلا متابعة، إذا رأيت منه شيئاً من الصلاح فزد عليه من المتابعة.

14- لابد من مراعاة الفروق الفردية بين المدعوين.

15- التأدب بأدب الزيارة إذا زرته تأدب بأدب الزيارة من حيث الزمن والوقت.

16- اقتصد في الموعظة...

17- احتفظ بشخصيتك ولا تشوهها بكثرة المزاح...

18- أن يكون المدعو ممن يعشق الرياضة...
مشروع مقترح: 

يتلخص هذا المشروع في أن يحاول كل واحد منا أن يبدأ الدعوة الفردية مع شخص جديد يحدده من الآن، ويضع له مدة معينة يكون فيها قد استطاع بتوفيق الله قد ضم هذا الشخص إلى قافلة الملتزمين، ويجعل هذا الأمر بمثابة الاختبار له حتى يحدد مدى نجاحه فيه من الآن، ابدأ بهذا الأمر، حدد شخصاً واحداً، ضعه في ذهنك، سجله في ذاكرتك، أخبر به رئيس مجموعتك، ومن الآن ابدأ العمل مع هذا الشخص، وحدِّد مدة ثلاثة أشهر، أو ستة أشهر أو سنة كاملة، ثم اعمل مع هذا الشخص بكل ما تستطيع من جهد بالطرق التي سبق عرضها مع مراعاة ما ينبغي مراعاته..

أخي الحبيب... لو عمل كل واحد منا هذا الشيء كم سيكون عدد الملتزمين بعد عام واحد، لاشك أنه سيتضاعف، وبعد عامين أو ثلاثة أو أربعة لاشك أن العدد سيكون مفرحاً جداً، حتى لو افترضنا أن نصفهم قد انتكس أو نصفهم لم يفد معه هذا العمل.

وتذكر _بارك الله فيك_ أن هذا الشخص سيكون في ميزان حسناتك إذا أخلصت العمل لله _سبحانه وتعالى_، وربما يصوم وأنت مفطر، وربما يقوم وأنت نائم، وربما يجاهد وأنت عند أهلك، فيكون لك مثل ما عمل دون أن ينقص من أجره شيئاً...
 
[/rtl]

[/size]